responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 3  صفحه : 446
يطيعون ذلك، ويرضَوْنَه، ومعنى هذا: أنَّ التحليل والتحريمَ إِنما هو للَّه كما تقدم بيانه، فليس لأحدٍ أنْ يصرِّح بهذا في عَيْن من الأعيانِ إلا أنْ يكون الباري تعالى يخبر بذلك عَنْه، وما يؤدِّي إِليه الاجتهادُ أنه حرامٌ يقول فيه: إِني أكْرَهُ كذا، وكذلك كان مَالِكٌ يفعلُ، اقتداء بمن تقدَّم من أهْلِ الفتوى انتهى.
وقوله: مَتاعٌ قَلِيلٌ إشارةٌ إلى عيشهم في الدنيا، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بعد ذلك في الآخرة، وقوله: مَا قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِشارةٌ إِلى ما في «سورة الأنعام» من ذي الظُّفَر والشُّحُوم.

[سورة النحل (16) : الآيات 119 الى 123]
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119) إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)
وقوله سبحانه: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ هذه آية تأنيسٍ لجميعِ العالم فهي تتناوَلُ كلَّ كافرٍ وعاصٍ تَابَ من سوءِ حالِهِ، قالتْ فرقة: «الجهالة» هنا: العَمْد، والجهالة عندي في هذا الموضع: ليست ضد العلْم، بل هي تَعَدِّي الطَّوْر ورُكُوب الرأْس. ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَليِّ» [1] وقد تقدَّم بيان هذا، وقلَّما يوجَدُ في العصاة مَنْ لم يتقدَّم له علْم بُحَظْر المعصيةِ التي يُوَاقِع.
وقوله سبحانه: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ ... الآية: لما كَشَفَ اللَّه فعْلَ اليهودِ وتحكُّمهم في شرعهم بذكْر ما حرَّم عليهم- أراد أنْ يبيِّن بُعْدَهم عن شرْعِ إِبراهيم عليه السلام، «والأمة» ، في اللغة: لفظةٌ مشتركةٌ تقع لِلْحِينِ، وللجَمْعِ الكثير، وللرَّجُل المنفردِ بطريقةٍ وحده، وعلى هذا الوجه سُمِّي إِبراهيم عليه السلام أمة، قال مجاهد: سُمِّيَ إِبراهيم أمةً لانفراده بالإِيمان في وقته مدَّةً مَّا [2] ، وفي البخاريِّ أنه قال لِسَارَةَ: «لَيْسَ عَلَى الأرْضِ اليَوْمَ مؤمنٌ غيري وغَيْرُكِ» ، وفي البخاريِّ قال ابن مسعود: الأمّة معلّم الخير

[1] تقدم تخريجه.
[2] أخرجه الطبري (7/ 661) برقم: (21980) بنحوه، وذكره البغوي (8913) ، وذكره ابن عطية (3/ 430) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 591) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 253) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم.
نام کتاب : تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القران) نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 3  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست